خبراء يناقشون التعليم بوصفه ركيزة محورية في مسار التحديث
عمّان، 20 تموز 2025 (الغد)، شهدت أروقة الديوان الملكي العامر لليوم السادس على التوالي، انعقاد ورش عمل ضمن المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، وفي هذا الإطار، برز قطاع التعليم بوصفه ركيزة محورية في مسار التحديث الوطني.
لم تعد الورش تكتفي برصد ما تحقق في السنوات الثلاث الماضية، بل اتجهت لإعادة هيكلة أدوات التنفيذ، وتطوير منهجيات التقييم، والتشبيك الفعال بين المؤسسات، ضمن رؤية استراتيجية شاملة وواضحة، ما يؤشّر لقناعة راسخة بأهمية قطاع التعليم، باعتباره حجر أساس في تنمية الموارد البشرية وتأهيلها لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة ومواكبة المستقبل، وبالتالي المساهمة بتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل. وتندرج تحت هذا القطاع في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث، قطاعات فرعية تتمثل بقطاعات: تنمية الطفولة المبكرة، والتعليم الأساسي والثانوي، والتعليم العالي، والتعليم والتدريب المهني والتقني.
كما شهدت الورش التي حضرت "الغد" جانبا منها، تفاعلا بين المشاركين من أصحاب الخبرة والاختصاص، بتقديم مقترحات وتصورات لإرساء جودة التعليم وتطويرها، إلى جانب الإشارة لنقاط القوة لقطاع التعليم والقطاعات الفرعية.
كما نوقشت؛ نقاط القوة للقطاع، الذي يستند للاستراتيجية الوطنية للتعليم، وكذلك استراتيجيات القطاعات الفرعية التي توفر مرافق للبنية التحتية الأساسية، بما ينعكس على تهيئة بيئة تعليمية فعالة، استنادا على ما يتميز به الأردن مقارنة بدول إقليمية، إذ يتمتع بالأمن والأمان، وهذا يوفر بيئة تعليمية أكثر أمانا في المنطقة .
وبشأن نقاط القوة في قطاع تنمية الطفولة المبكرة، فتمثلت بنمو معدل الالتحاق بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة بنسبة معدل نمو سنوي قدره 2 %، وتوافر معلمين قادرين على تلبية معايير التدريس في المدارس الحكومية والخاصة، وإمكانية الحصول على الرعاية والتعليم، والوصول لمراكز الرعاية الصحية.
أما نقاط القوة في التعليم الأساسي والثانوي، فتمثلت بارتفاع معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي ليصل لـ97 %، والسمعة الإقليمية الإيجابية لمدارس تعليم أساسي وثانوي حكومية وخاصة، وتعاظم التكافؤ بين الجنسين في التعليم الأساسي والثانوي، ومواصلة تطوير المناهج الدراسية.
في حين تمثلت نقاط القوة في قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني، بارتفاع الطلب المحلي والإقليمي على المواهب المتعلمة ذات المهارة، واعتبار جامعة الحسين التقنية للدراسات العليا نموذجا للقدرة المؤسسية على التميز، إلى جانب إصلاحات تشمل: تحديث البرامج، وتشكيل هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية، وتأسيس الإطار الوطني للمؤهلات في المملكة.
كما وتمثلت نقاط القوة في التعليم العالي بتحسن معدلات الالتحاق به خلال السنوات العشر الماضية، فالأردن وجهة جاذبة للتعليم لوجود معاهد وجامعات على مستوى عالٍ وبكلفة ميسرة، وتوافر دورات متنوعة.
وتعمل هذه الورش؛ على تقديم مراجعة مسؤولة ومستقلة لضمان التغذية الراجعة، وتجويد مبادراتها وتوصياتها لمواكبة المستجدات التعليمية والتربوية والتكنولوجية، بما يتناسب مع أفضل الممارسات الحديثة، ويشارك فيها وزراء تربية وتعليم وخبراء ومختصون وممثلون عن القطاع الخاص، ومؤسسات مجتمع مدني وأكاديميون وإعلاميون أسهموا بصياغة رؤية التحديث.
وفي سياق المضي بهذه المرحلة من مشاورات وصياغة توصيات الرؤية في القطاع، اكد وزير التربية والتعليم الأسبق د. تيسير النعيمي لـ"الغد"، إن الديوان الملكي العامر، يتطلع عبر استضافة هذه الورش لمتابعة وتقييم سير العمل بالمرحلة الأولى من رؤية التحديث، وكذلك تقييم مدى التقدم باتجاه تحقيق مستهدفاتها، للوقوف على القضايا الأساسية والتحديات، ومدى الانحراف عما تحقق أساسا في كثير من المبادرات المتعلقة بقطاع التعليم.
وأضاف النعيمي، أن الورش لهذا اليوم (أمس) ناقشت عبر مجموعات، قطاعات التعليم الأساسية: الطفولة المبكرة، التعليم الأساسي والثانوي، التعليم العالي، والتعليم المهني والتقني، وبحثت فيما تحقق للآن في المرحلة الأولى، والعقبات والتوجيهات أكانت تحديات مؤسسية أو مالية، أو تحديات لها علاقة بالبرامج التي صممت، وبالتالي تجري حاليا مراجعة ذلك، بحيث يجري تقديم توصيات محدده تسعف بإعداد البرنامج التنفيذي للمرحلة الثانية من برنامج التحديث الاقتصادي للعام 2026- 2029.
وأضاف، أن جلالة الملك عبدالله الثاني، يولي اهتماماً كبيراً لمتابعة الرؤية لإيمانه العميق بانها تمثل احد المشاريع الأساسية لدولتنا في مؤيتها الثانية، لذا فإن جلالة الملك، يتابع مدى السير في تنفيذها، ويهتم بتسريع وتيرة التنفيذ وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وتابع النعيمي أن الديوان الملكي، يحرص على إشراك المجتمع بأطيافه كافة، من خبراء في القطاعين العام والخاص وغيرها من المؤسسات، في مراجعة وتقييم ما أنجز، وتحديد مواضع الخلل، وتصويب المسارات، وتحديد الأولويات ذات الأثر في الرؤية، لتشكل بمجموعها نوعا من المدخل الأساسي لإعداد البرنامج التنفيذي للمرحله المقبلة.
وأشار إلى أن الإطار العام الذي يجري العمل فيه، مؤسسي، يهدف لأن يسمع من المشاركين في الورش، من اجل التغذية الراجعة، ومعرفة ما انجز وتحديد المعيقات والتحديات ومكامن النجاح وتصويب المسارات لإعاده صياغه بعضها، مؤكدا أن هذه الخطط يجب أن تتسم بالمرونة، وأن تخضع دائما للتقييم والمتابعة، حتى تسير على المسار السليم.
وحول تحديات المرحلة الأولى، اكد النعيمي أننا لا نستطيع القول إنه في سنة أو اثنتين أو ثلاث، يمكننا التغلب على التحديات الأساسية، وبالتأكيد نستطيع التخفيف من حدتها، وبالتالي معرفة اثرها على قطاع التعليم، مشيرا لوجود تحديات فيه، تتعلق بالثقافة المؤسسية في مقاومه التغيير، والبنية التحتية للمدارس، بخاصة المادية والتكنولوجية والنفسية والاجتماعية، وهي بحاجة للتطوير، وهو ما تعمل عليه الوزارة، ما يتطلب وقتا، لكن المطلوب الإسراع بوتيرة هذه الخطى.
أما التحدي الآخر، فهو في كيفية أن ينقل المعلم اثر التدريب الذي يتلقاه في مسارات التنمية المهنية المختلفة، والذي تقوم به وزارة التربية، إلى غرفه الصف، ومن ثم فإن المطلوب هو: كيف نضمن بأن يتمكن المعلم في غرفة الصف بخلق تحول في أساليب تدريسه، بعيدا عن التلقين والمعرفة المباشرة، إلى تنمية المهارات وتعزيز تفكير الناقد وحل المشكلات والاستقصاء والتساؤل.
وبين النعيمي أن المطلوب حاليا، التوجه من مفهوم الشهادة لمفهوم المهارة، ولا بد من أن يكون هناك تكامل وطني في المجالس القطاعية بين المؤسسات المعنية بالتدريب والتعليم التقني والمهني، لا سيما مع تبني نظام "بي تك"، الذي سينقلنا نقلة نوعية، لكن المطلوب تضافر الجهود الوطنية لإنجاح هذا الأمر.