خبراء لـ«الدستور»: السياحة محرك رئيسي للنمو والتشغيل

عمّان، 17 تموز 2025 (الدستور)- في سياق استكمال المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، ناقش فاعلون في القطاع السياحي من القطاعين العام والخاص أبرز التحديات والفرص في قطاع السياحة، ضمن ورشة عمل متخصصة انعقدت في الديوان الملكي العامر، بمشاركة واسعة من ممثلي الجمعيات السياحية والخبراء والمستثمرين، بهدف مراجعة سير العمل وتجويد المبادرات المستقبلية، تعزيزًا لرؤية «الأردن كوجهة عالمية» خلال الفترة (2023 – 2033). 

وأكد المشاركون خلال الجلسة التي عقدت في اليوم الرابع من ورشات العمل، أن السياحة تمثل ركيزة اقتصادية أساسية، ومحركًا رئيسيًا للنمو وتوليد فرص العمل، وأن الرؤية الملكية الواضحة لتطوير القطاع تمثل خريطة طريق لتمكين الأردن من المنافسة إقليميًا وعالميًا، من خلال تطوير المنتج السياحي وتعزيز البيئة التشريعية والبنية التحتية.

وفي تصريح خاص لـ«الدستور»، قال الدكتور عماد حجازين، مدير عام الشركة الأردنية للتعليم الفندقي والسياحي، إن ما يميز هذه الورشة هو أنها تمثل فرصة لتقييم منجزات السنوات الثلاث الماضية، مع مشاركة واسعة من الوجوه الشابة في القطاع، لا سيما أن استثمارات الجيل الجديد بدأت تدخل فعليًا إلى سوق السياحة.

وأضاف حجازين: «القطاع السياحي يمتلك مرونة استثنائية، ولا يحتاج إلى مصانع أو أراضٍ زراعية لتوليد الفرص، بل يمكن إنتاج منتج سياحي في كل متر من أرض الأردن».

وأشار إلى أن تطوير قدرات العاملين هو التحدي الأبرز، مؤكدًا أن السوق المحلي لا يمكنه استيعاب كامل مخرجات التعليم السياحي، في وقت تتنامى فيه الفرص في الأسواق الإقليمية، خصوصًا في السعودية والعراق ودول الاتحاد الأوروبي، حيث يزداد الطلب على العمالة المؤهلة في قطاع الضيافة.

ونوّه حجازين إلى أن الشركة الأردنية تُعد نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتتمتع بدعم من جمعية الفنادق والمطاعم، مشددًا على أهمية تحسين البنية التحتية والمراجعة المستمرة للمعايير التعليمية لضمان جودة المخرجات، بالتعاون مع هيئة الاعتماد ووزارة التعليم العالي.

من جهته، قال حسين الهلالات، نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، في تصريح خاص لـ»الدستور»، إن المشاركة في المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي تأتي لمراجعة نقاط الضعف والتحديات التي تواجه القطاع، خاصة في ظل الظروف الإقليمية التي ألقت بظلالها على نسب الإشغال والطلب السياحي.

وأوضح الهلالات أن الخطط المستقبلية يجب أن تتجه نحو استحداث مشاريع جديدة ومبادرات مبتكرة في المدن السياحية، وتنشيط الاستثمار في المواقع السياحية وتطوير الخدمات، مؤكدًا أن الجمعية تعمل بالتنسيق مع الجهات الرسمية لتقديم مقترحات تعزز منعة القطاع وتوسّع قاعدة الفرص.

بدورها، أكدت يسار ملحس، نائبة رئيس الجمعية الأردنية للسياحة الوافدة لـ»الدستور»، أن أكبر التحديات التي يواجهها القطاع حاليًا تتعلق بالصورة الذهنية لدى السائح الأجنبي، إذ يعتقد كثيرون أن الأردن غير آمن بسبب ما يجري في الإقليم، رغم استقرار الأوضاع داخليًا.

وأشارت ملحس إلى أن الجمعية تعمل على تصحيح هذه الصورة من خلال حملات تسويقية تستهدف مختلف الأسواق، بهدف إيصال الحقيقة كما هي: «الأردن بلد آمن ومضياف، يستحق أن يكون على خارطة السياحة العالمية».

وتأتي ورشة العمل القطاعية حول السياحة ضمن سلسلة من الجلسات التي انطلقت منذ يوم الأحد الماضي وتستمر حتى التاسع والعشرين من تموز الجاري، في الديوان الملكي الهاشمي، تجسيدًا لحرص جلالة الملك عبدالله الثاني على متابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، بما يضمن ترسيخ نهج الدولة في تحقيق نمو مستدام، وتحقيق أثر مباشر وملموس في حياة المواطنين.

وتُعد هذه الورشات أداة تقييم مستقلة لكل مرحلة من مراحل الرؤية، بما يسمح بتغذية راجعة دقيقة وتحديث المبادرات ومراجعتها وفقًا لأحدث المستجدات التكنولوجية والفنية. كما تعزز هذه الورشات من إشراك الفاعلين من مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والخبراء، والأكاديميون، ما يضمن استمرارية الرؤية ضمن نهج تشاركي مرن ومتطور.

ويُعتبر قطاع السياحة في الأردن من أبرز القطاعات الحيوية التي تمتلك إمكانات كبيرة للنمو، بفضل تنوع المواقع السياحية التي تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتشمل مواقع دينية وتاريخية وأثرية وتراثية وطبيعية، إلى جانب مناخ مناسب على مدار العام، وسمعة الأردن الطيبة كوجهة ذات ضيافة استثنائية وتجربة سياحية أصيلة.

وتسعى رؤية التحديث الاقتصادي إلى تمكين الأردن ليكون وجهة سياحية عالمية متفردة، من خلال تطوير البنية التحتية للمواقع السياحية، وتحسين خدمات النقل والمرافق اللوجستية، وإطلاق برامج متخصصة لتأهيل وتدريب الكوادر البشرية في القطاع، إضافة إلى تسهيل إجراءات السفر والتنقل داخل المملكة، وتعزيز الهوية التجارية السياحية للأردن على مستوى عالمي.

وأثمرت المرحلة الأولى من رؤية التحديث الاقتصادي في القطاع السياحي عن جملة من الإنجازات المهمة، من أبرزها اعتماد استراتيجية تطوير السياحة الاستشفائية، ما عزز مكانة الأردن كوجهة رائدة في هذا المجال. كما تم تفعيل نظام التذاكر الإلكترونية تجريبيًا، وإطلاق المجلس الوطني للسياحة ليقود التنسيق بين الجهات ذات العلاقة.

وعلى صعيد البيانات، جرى تطوير قاعدة معلومات متكاملة تتيح تتبع أداء القطاع بشكل فعّال، بالتزامن مع العمل على تطوير بيئة العمل السياحي والتشريعات الناظمة له، بما في ذلك إقرار الأسباب الموجبة لمشروع نظام صندوق تنمية وتطوير قطاع السياحة، وهو ما يشكل قاعدة مؤسسية قوية للانطلاق نحو المرحلة المقبلة من الرؤية. 

شارك
الى الأعلى